غزة/ منال خميس
أنت هنا تعيش في بقعة جغرافية صغيرة ، على شريط ساحلي ضيق لا يتعدى طوله ال36 كم2 ، تعيش على مساحة يمكنك أن تجوبها طولا وعرضا وشمالا وجنوبا في ساعة واحدة ويمكنك اختصار المسافة الي النصف اذا ما أصبت ببعض الجنون .
أنت تعيش هنا على أرض اسمها غزة من بدء الخليقة وهي تتكبد حماقة التاريخ
ثمة من يُقتل هنا ، ثمة من يموت بظلم كبير ، هنا ألم يجتاحنا في كل مرة نسمع فيها صوت الرصاص ، فنتكهن من ضحية اللحظة ، نقول اللحظة وليس اليوم لان عدد الضحايا يتكاثر بعدد اللحظات .
ثمة رجال ، ثمة نساء ، ثمة أطفال ، أناس عبروا .. كانوا هنا ، عاشوا حياتهم البسيطة ، فتتوا هشاشة المحتل والآن هم في حرب يترصدون فيها أنفسهم ، أصبح الصوت الذي يسمع هو الصوت الذي يتكلم هو الصوت الذي يحكم هو الصوت الذي يضرب و ينفذ ولا صوت ينتهي لأي شيء .
ثمة موت هنا .. ثمة ما يقتل الروح ويطفئ القلب ، ثمة ما ندفع ضريبته اليوم وكل يوم والمدينة التي بنيناها غارقة بوحلنا ، نهدمها بمعاولنا لا لتولد أبهى وأجمل ولكن لنعيش خاسرين في دائرة خرساء تحت سوط الصمت لساعات طويلة نحفر الأضرحة ونعدد القبور.
هناك من يفقأ عين مدينتنا لتموت .
عين حارستنا التي كانت مثبتة على الزمن كي لا يغدرنا فلا تنام ،
مدينتنا شبعت طهراً ، و تتبع الآن ضلالاتها ،
مدينتنا بيدها الآن تصوب رصاصاتها الى صدور ابنائها ،
في مدينتنا يتحدث الموتى عن موتهم ،
_ آآه يا أخي يا من رميت عن سطح بيتي بغضبك على المحتل يا من لعبت معي في الحقول الوسيعة، يا من كنت ملاذي ، يا من كنت لي كعظمة اليد ... أنا الآن بالقبر قربك .. ضللوني ولا أعرف ان كنت تغفر لي _ هل تسمعني ؟
_ هذا في البدء كان يمكن أن اغفر لك حين كنا نبتكر الأغاني وتظللنا الأمنيات
_ آآه يا صديقي اصمت أنت الآن مثليٍ متعب وميت لا تجهد نفسك بالكلام فعلى رصاصتك التي أصابتني ما يتحدث عنك ، مكتوب عليها " لا تعد أبدا فأنا باسمهم كرهتك وباسمهم أحاربك وباسمهم أقتلك"
_وقتلتني وقتلتك يا شبيهي لأنهم يريدون !!
_ اسمع يا صديقي هناك بالخارج من يحاول أن يحدد هوية القبر !
_ هل تسمع أصواتهم ؟
- قبورنا أكبر مساحة من خارجهم
- أكبر أيضا من ذاكرتهم
- يتصنعون المحبة
- ذاكرتهم مسورة بآيات الحرب
- وبقبض الريح
- هوامشهم جد ضيقة
- لم تكن حربنا
- كانت حروبهم الضريرة
- يتبجحون بأعدادنا وبأرقامنا
- مع كل يوم يتهافت فيه عظمي أدرك مدى جهلي
- كانت خدعة ، حددوا لنا أمنياتهم فمال سهمنا
- وعدونا بالجنة
- أشتاق إلى زوجتي والى فضاء حديقتنا
- أحن إلى أطفالي أشعر بهم راكضين حول القبر،أحنّ الى عيونهم المضيئة
- ما أشد ندمي يا أخي .
كان الموتى يتكلمون ومدينتنا التي باتت تحصد الريح يهبط عليها الوقت معتما ، تعانق ببلادة كآبات مساءاتها ، ينام اطفالها خائفين ، لم يعد الكحل يعبئ مكاحل بناتها، الجميع فيها عابرين يكنسهم غبار ضئيل ينامون مهدودين بلا أمل فلا فجر بانتظارهم ولا نهار جديد..لا شيء هناك سوى صباحات الدم والخراب أينما ولّيت وجهك.
أنت هنا تعيش في بقعة جغرافية صغيرة ، على شريط ساحلي ضيق لا يتعدى طوله ال36 كم2 ، تعيش على مساحة يمكنك أن تجوبها طولا وعرضا وشمالا وجنوبا في ساعة واحدة ويمكنك اختصار المسافة الي النصف اذا ما أصبت ببعض الجنون .
أنت تعيش هنا على أرض اسمها غزة من بدء الخليقة وهي تتكبد حماقة التاريخ
ثمة من يُقتل هنا ، ثمة من يموت بظلم كبير ، هنا ألم يجتاحنا في كل مرة نسمع فيها صوت الرصاص ، فنتكهن من ضحية اللحظة ، نقول اللحظة وليس اليوم لان عدد الضحايا يتكاثر بعدد اللحظات .
ثمة رجال ، ثمة نساء ، ثمة أطفال ، أناس عبروا .. كانوا هنا ، عاشوا حياتهم البسيطة ، فتتوا هشاشة المحتل والآن هم في حرب يترصدون فيها أنفسهم ، أصبح الصوت الذي يسمع هو الصوت الذي يتكلم هو الصوت الذي يحكم هو الصوت الذي يضرب و ينفذ ولا صوت ينتهي لأي شيء .
ثمة موت هنا .. ثمة ما يقتل الروح ويطفئ القلب ، ثمة ما ندفع ضريبته اليوم وكل يوم والمدينة التي بنيناها غارقة بوحلنا ، نهدمها بمعاولنا لا لتولد أبهى وأجمل ولكن لنعيش خاسرين في دائرة خرساء تحت سوط الصمت لساعات طويلة نحفر الأضرحة ونعدد القبور.
هناك من يفقأ عين مدينتنا لتموت .
عين حارستنا التي كانت مثبتة على الزمن كي لا يغدرنا فلا تنام ،
مدينتنا شبعت طهراً ، و تتبع الآن ضلالاتها ،
مدينتنا بيدها الآن تصوب رصاصاتها الى صدور ابنائها ،
في مدينتنا يتحدث الموتى عن موتهم ،
_ آآه يا أخي يا من رميت عن سطح بيتي بغضبك على المحتل يا من لعبت معي في الحقول الوسيعة، يا من كنت ملاذي ، يا من كنت لي كعظمة اليد ... أنا الآن بالقبر قربك .. ضللوني ولا أعرف ان كنت تغفر لي _ هل تسمعني ؟
_ هذا في البدء كان يمكن أن اغفر لك حين كنا نبتكر الأغاني وتظللنا الأمنيات
_ آآه يا صديقي اصمت أنت الآن مثليٍ متعب وميت لا تجهد نفسك بالكلام فعلى رصاصتك التي أصابتني ما يتحدث عنك ، مكتوب عليها " لا تعد أبدا فأنا باسمهم كرهتك وباسمهم أحاربك وباسمهم أقتلك"
_وقتلتني وقتلتك يا شبيهي لأنهم يريدون !!
_ اسمع يا صديقي هناك بالخارج من يحاول أن يحدد هوية القبر !
_ هل تسمع أصواتهم ؟
- قبورنا أكبر مساحة من خارجهم
- أكبر أيضا من ذاكرتهم
- يتصنعون المحبة
- ذاكرتهم مسورة بآيات الحرب
- وبقبض الريح
- هوامشهم جد ضيقة
- لم تكن حربنا
- كانت حروبهم الضريرة
- يتبجحون بأعدادنا وبأرقامنا
- مع كل يوم يتهافت فيه عظمي أدرك مدى جهلي
- كانت خدعة ، حددوا لنا أمنياتهم فمال سهمنا
- وعدونا بالجنة
- أشتاق إلى زوجتي والى فضاء حديقتنا
- أحن إلى أطفالي أشعر بهم راكضين حول القبر،أحنّ الى عيونهم المضيئة
- ما أشد ندمي يا أخي .
كان الموتى يتكلمون ومدينتنا التي باتت تحصد الريح يهبط عليها الوقت معتما ، تعانق ببلادة كآبات مساءاتها ، ينام اطفالها خائفين ، لم يعد الكحل يعبئ مكاحل بناتها، الجميع فيها عابرين يكنسهم غبار ضئيل ينامون مهدودين بلا أمل فلا فجر بانتظارهم ولا نهار جديد..لا شيء هناك سوى صباحات الدم والخراب أينما ولّيت وجهك.
No comments:
Post a Comment